اليمن

ملامح التحولات الاستراتيجية الناجمة عن طوفان الأقصى

إيهاب شوقي
بدأت ملامح التحول الاستراتيجي للطوفان المقاوم المتسق مع الاسم الذي اختارته المقاومة للعملية المباركة #طوفان_الأقصى في التشكل والبروز، حيث هرع العدو بشكل مباشر إلى راعيه الأمريكي مستغيثا به وراميا كامل ثقله الاستراتيجي في جعبته، في مشهد شبيه بيوم العبور في السادس من أكتوبر / تشرين الاول، عندما استغاثت جولدا مائير بأمريكا للحماية من الانهيار.

ولكن هناك فوارق بين المشهدين رغم المشتركات الشكلية، وهذه الفوارق تعطي ملمحا للتحولات الجديدة:

1ــ الفارق بين المشهدين، هو أن المشهد الأول كان استغاثة صهيونية من جيوش عربية مدججة بالسلاح وأمة موحدة على خيار التحرير وتضغط لإنفاذه، واستقطاب دولي يسمح بوجود كتلة مؤيدة للتحرر الوطني.

بينما المشهد الراهن هو استغاثة صهيونية من حركات للمقاومة لا تتمتع بإمكانيات الجيوش وعتادها، وظرف إقليمي مأزوم تنشغل الشعوب فيه بأزماتها الداخلية مما يشكل تراجعا لمقام القضية المركزية في أولوياتها، بل وهناك نخب مخترقة ووعي زائف يجعل من المقاومة قضية خلافية داخل بعض القطاعات، ووضع دولي لم يصل بعد للتعددية القطبية بشكل كامل وهو ما يوفر غطاء للإجرام الصهيوني ويجعل من دعم المقاومة عملا متواريا تمارسه بعض الدول على استحياء!

وهو ما يعني ان المستقبل ترسمه حركات المقاومة ولن يضرها من خذلها.

2ــ المشترك بين المشهدين هو وصول الكيان إلى تهديد وجودي ورغم ذلك كانت استغاثته بأمريكا في العام 73 مبنية على ثقله داخل الاستراتيجية الأمريكية ومشروعها بالمنطقة، باعتباره الحليف الاستراتيجي الأول والأبرز للمشروع الغربي، بينما جاءت استغاثته رخيصة هذه المرة، حيث جاءت على هيئة توريط لأمريكا عبر الترويج لضحايا واسرى امريكيين لدى المقاومة، وهو ما يعكس شعوره بالتراجع والأهمية، من جهة، ومن جهة أخرى يقينه بالضعف والتراجع الذي لحق بأمريكا مما يجعلها تتردد وتجبن عن التدخل وتحتاج لمحفزات وإلى توريط.

3ــ بدأت ملامح محور القدس تتحقق على أرض الواقع، بالتضافر والتنسيق بين الجبهات، حيث شكلت الضربات التي وجهتها المقاومة في لبنان للمواقع الاسرائيلية في مزارع شبعا المحتلة استجابة سريعة لوحدة المعركة، حيث تجاهلت التحذيرات الأمريكية والصهيونية وبينت أن المقاومة ستكون حيث يجب أن تكون، وأبرزت جهوزيتها لأي انزلاقات وأنها لن تترك غزة ولا فلسطين وحيدة وأن المعركة الكبرى رهن بسلوك العدو وحماقاته وأن توقيت رسم المعادلات الجديدة انتقل ليد المقاومة صاحبة المبادرة وبتوقيتها.
كما تزامن مع عمليات المقاومة في لبنان، هذا التضامن اليمني الذي شكل لوحة شرف وقعتها الحشود اليمنية، مع التأييد السوري كنظام عربي وحيد أعلن دعمه لطوفان الأقصى، ناهيك عن المقاومة العراقية والتي تمثلت في تهديد كتائب سيد الشهداء، بأنه إذا تدخلت واشنطن مباشرة في أحداث غزة سيتحول كل الوجود الأميركي في المنطقة إلى اهداف مشروعة لمحور المقاومة.

نحن إذًا بصدد مشهد جديد من الجانب الاستراتيجي بتطبيق التحالف وترجمته إلى تنسيق سياسي وعسكري بالميدان للتحرك في مسار استراتيجي موحد عنوانه التحرير، ومن الجانب العملياتي بتطور نوعي في العمليات والتكتيكات وحجم الخسائر غير المسبوقة في صفوف العدو وبعثرة صفوفه بهذا الشكل المهين والمذل الذي لا يحدث لأضعف الجيوش وأكثرها عشوائية وبدائية.

من الشواهد الراهنة تتدرج الاحتمالات وفقا لتدحرج الأمور حيث تبدأ من نهاية حتمية لمستقبل نتنياهو السياسي وحكومته في المدى المنظور وتصل لتدحرجات أكبر لا يستبعد معها ولا يعد بعيدا، زوال هذا الكيان، حيث بثت الشاشات الكثير من المشاهد التي تعد تجارب “بروفات” من مشهد الانهيار والزوال.

رابط الخبر
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

الموقع :www.alahednews.com.lb

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى