كتاب و آراء

عن تحالف (أهل الصاية) .. دروس من المنتدى (الصيني – العربي) الذي عُقد في شنغهاي

يأتي التوجه إلى الصين على خلفية فشل الشراكات مع الشركات الأمريكية، التي سبق لها أن انسحبت من السوق العراقية جراء فشلها في إدارة أعمال معقولة الكلفة، وهو ما حصل مع شركة أكسون موبيل الأمريكية، التي انسحبت من السوق العراقية رغم حصولها على مشاريع ضخمة.

 
كتب / سلام عادل  
 
من اللافت معرفة أن الموازنة الاتحادية العراقية جرى فيها تخصيص 10 مليارات دولار لأعمال تندرج ضمن الاتفاقية (العراقية – الصينية)، وهو أكبر تخصيص استثماري من نوعه في الموازنة المخصصة للسنوات الثلاث المقبلة، وهي الموازنة الأكبر من نوعها في تاريخ العراق، وهذا المبلغ يعتبر بمثابة بداية الطريق نحو تخصيصات أكبر.
 
ويأتي التوجه إلى الصين على خلفية فشل الشراكات مع الشركات الأمريكية، التي سبق لها أن انسحبت من السوق العراقية جراء فشلها في إدارة أعمال معقولة الكلفة، وهو ما حصل مع شركة أكسون موبيل الأمريكية، التي انسحبت من السوق العراقية رغم حصولها على مشاريع ضخمة، بسبب شروط الدعم اللوجستي التي تشترطها على نفسها، مثل الاحتياجات اللوجستية ومخصصات السلامة والأمن.
 
ومنذ سنوات يعتبر العراق مصدراً للاهتمام الصيني، باعتباره مصدراً أساسياً تحصل من خلاله على النفط الخام، وهو ما جعل العراق منافساً رئيسياً للسعودية في هذا السوق الواسع، الذي يحتاج إلى الطاقة على نحو متواصل، وتأتي الهند كذلك بموازات الصين في الطلب المستمر على النفط.
 
ولعل كل هذه المعلومات أعلاه، من الأهمية بمكان، لتجعل العراقيين يعرفون تماماً أهمية موقعهم الجغرافي المرتبط بآسيا الكبرى، وما يعني ذلك من سهولة في التواصل مع الأسواق الآسيوية الواعدة والحيوية والممتلئة بأشكال السلع والخدمات كافة.
 
وكل ذلك، وأكثر من هذه المعلومات المهمة، سمعناها على لسان رئيس الوزراء العراقي الأسبق السيد عادل عبد المهدي، الذي شارك لوحده، نيابة عن العراق والعراقيين، في المنتدى (الصيني – العربي) الذي عُقد في (شنغهاي)، باعتباره صاحب الريادة الفكرية في التوجه نحو الشرق، بعد أن فشلت ماراثونات الركض وراء الغرب الأمريكي.
 
ويأتي هذا المنتدى بعد مرور سنة على القمة (العربية – الصينية)، التي فتحت آفاقاً جديدة أمام المبادرات التجارية، الأمر الذي قاد إلى ارتفاع حجم التبادلات بين الدول العربية والصين إلى ما نسبته 30‎%، وبحركة أموال تزيد على 400 مليار دولار، فيما أصبحت 17 دولة عربية عضواً في البنك الآسيوي للاستثمار في البنى التحتية.
 
وكان العراق في حكومة السيد عادل عبد المهدي قد اتفق على تفاهمات مع الصين تحت عنوان (النفط مقابل البناء)، وهو اتفاق مازال يُعوَّل عليه للنهوض بواقع البلاد، باعتباره يقود إلى توطين بعض الصناعات من خلال تعاون مع الشركات الصينية، التي ستحصل على أموال من عائدات نفطية تُقدر بـ100 ألف برميل توضع بضمانة مصرفية صينية.
 
ولهذا مازال يعول كثيراً على الدور الذي يقوم به السيد عادل عبد المهدي، من ناحية رسم مسار عراقي خاص مع الصين، يجعل بغداد تستفيد إلى أقصى درجة من عروض البرنامج الاقتصادي العالمي للتنمية، الذي طرحته الصين أمام دول آسيا وإفريقيا وأوروبا تحت عنوان (الطريق والحزام).
 
 وأجدُ من المناسب هنا، قبل الختام، الإشارة إلى ضرورة أن يتحرك العراق بخصوصية نفسه وموقعه وانتمائه في عملية رسم مساره الاقتصادي، وهذه الخصوصية لها مضامين وأشكال، وربما يكون الشكل الذي ظهر فيه السيد عادل عبد المهدي في المنتدى الصيني – العربي الذي عُقد في شنغهاي، هو الشكل المطلوب له أن يظهر أمام العالم، لكونه يعبر عن غالبية سكان العراق، ويتمثل بارتداء الزِّي التراثي لسكان المحافظات الوسطى والجنوبية، والمتمثل بـ(الصاية).
 
ولو دققنا في الملابس التراثية الصينية التي يرتديها الرجال في الصين، لوجدنا أن الرجل الصيني يرتدي هو الآخر (صاية)، وهو ما يؤكد على الترابط بين شعوب قارة آسيا منذ طريق الحرير التاريخي الذي ينبغي إعادة إحيائه من جديد.
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى