التغطية الإخبارية

من خلّة وردة إلى الخيمة: وعدكم صادق!‎

ليلى عماشا

مرت سنين تعدادها سبعةَ عَشَر، ولم يزل بيان الوعد الصادق يحمل إلى قلوب أهل المقاومة بشرى عملية أسر جنديين صهيونيين في “خلة وردة”، وكأن ما بيننا وبين ذلك اليوم رمشة عين، أو إغماضة جفن، أو ومضة من زمان تعيدنا إلى لحظات تلقّي الخبر العظيم: مفرقعات عمّت الضاحية، صيحات ابتهاج يسبقها التكبير ويليها الحمد، حلويات توزّع في الطرقات ابتهاجًا، ونبضات على كلّ مساحة المقاومة تستحيل رصاصًا جاهزًا للقتال إن أرادها العدوّ حربًا.

عامٌ بعد عام، تتجدّد البهجة، مصحوبة بمشاهد من عملية الأسر وما سبقها من تحضيرات، وهي مشاهد تأسر القلب:

الحاج رضوان في التعليمات الأخيرة يختصر كل ما يمكن للروح التي تقاتل لقوله، بنبرته المحاربة الأحنّ، ودقّته الملهوفة إلى إتمام العملية، وفيض الحبّ الظاهر على الوجوه التي حوله، وإن تعذّرت حتى الآن رؤية ملامح بعضها، فيما كشفت الشهادة اللثام عن ملامح بعضها الآخر.

عبور السياج والانسياب داخل الأرض المحتلة مشهدٌ يحيي القلوب، ويسقيها يقينًا بالعبور القريب إلى فلسطين. صوتُ الخطوات آسِر، صوتُ الطلقات آسِر، وسرعة التنفيذ الدقيق تخطف الأنفاس مهما تكرّرت مشاهدة الڤيديو الذي يوثّق لحظات العملية، وكذلك مشهد عودة المجاهدين غانمين، فرحين بما أنجز الله بأيديهم، يستعجلون إيصال “الأمانة” إلى حيث يجب أن تصل، ليتمّ التبادل وتحرير الأسرى من المعتقلات الصهيونية، ولو بعد حين.

في كلّ عام، تحتلّ الذكرى قلوب الناس عشيّة الثاني عشر من تموز، يتسابقون إلى عرض ما حفظوه منها، صورًا وأخبارًا وذكريات وانطباعات وعزّة..

وفي كلّ عام، تظهر صورة جديدة، لحظة لم تُروَ بعد، عن يوم من أيّام الله وعن عمليّة غيّرت مجرى التاريخ، وكتبته بخطّنا نحن، بلغتنا نحن، بلهجتنا، بدمنا، بكل ما قالت قلوبنا يوم جاءت البشرى: “المقاومة أسرت جنديين”. ولهذه الكلمات الثلاث، في كلّ قلب حكاية، تروي الوعد الصادق من زاوية مختلفة، من زاوية متجدّدة، حتى أصبح ذلك اليوم كموسم للعزّ، يحين قطافه كلّما عاد تمّوز، وفيه من الخيرات ما يكفي ليشبع كل الأرواح اعتزازًا وما يكفي ليسقي كلّ العيون المحدّقة حبًّا.

من بين الصور، أزيح اللثام تباعًا عن بعض الوجوه التي كانت من ضمن مجموعة عملية الأسر، بعد أن ارتقى أصحابها شهداء، وهم: محمد عسيلي (ذو الفقار) وعلي صالح (بلال عدشيت) وابراهيم الحاج (أبو محمد سلمان) وخالد بزّي (الحاج قاسم) وحمزة حيدر (أبو عباس) وبلال حير الدين (أبو جعفر) وعباس كوراني (هشام) وعلي شبيب (أبو تراب) ومحمد عيسى (أبو عيسى الإقليم).

اليوم في تموز ٢٠٢٣، وبعد أن صار الوعد الصادق ركيزة أساسية في بنيان زمن الانتصارات، عين القلب على امتداد الحدود مع فلسطين المحتلة، تحدّق في شبعا حيث خيمة تؤرق العالم، وتستنزف العدو الذي صار يجتهد سياسيًا ودبلوماسيًا كي يحفظ ماء وجهه المهدور بعد أن تباهى سنين بأنّ جيشه لا يُقهر، نستمع إلى تصريحات قادته وخيبات المستوطنين ونضحك: رعبهم الذي أتقنوا التعبير عنه نواحًا وصراخًا في تموز ٢٠٠٦ ما زال حاضرًا في أعينهم ومفرداتهم. لا يجرؤون على إزالة خيمة اليوم بعد أن تبجحوا أعمارًا بأن فرقة جيشهم الموسيقية قادرة على اجتياح لبنان!

الوعد الصادق، الذي كانت فاتحته عملية الأسر المظفّرة، لم يزل يفيض علينا من بركات الله الموضوعة فيه عزًّا وكرامةً وقوّة تردع العدو وترعبه وتمدّ الذين لا تتسع قلوبهم لليقين، بالأدلّة الموضوعية والحسيّة على قرب زوال “اسرائيل من الوجود”، أي على قرب تحقّق الهدف الواضح، والمحدّد، والدقيق.

رابط الخبر
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

الموقع :www.alahednews.com.lb

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى